أدب الأماكن

الزرقاء بين حضارة التاريخ واحتضان الشعوب وتوطين الصناعة – سارة السهيل

الزرقاء اقرب مدينة إلى عمان.. عراقتها التاريخية، ومحمياتها الطبيعية وقصورها التاريخية، والهامها للمبدعين لم ينف عنها تطور عجلة الزمن بها لتتحول إلى موطن للصناعات الوطنية الأردنية.

انها محافظة الزرقاء بتاريخها التليد والذي يعود إلى العصر الروماني والذي بنيت قلعة قصر شبيب على أنقاضها، بينما ضواحيها تعج بالمواقع الأثرية مثل العلوك، وخربة السمراء التي تعكس شواهدها الأثرية إلى وجود هذه المدينة في القرن الخامس الميلادي، حيث عثر فيها على حجارة بازلتية تحتوي على كتابات باللغات اليونانية والسريانية، بجانب قصر الحلابات.

التكدس الصناعي والسكاني بالزرقاء وما قد يترتب عليه من ثلوث بيئي ملحوظ، إلا أنها في المقابل، تضم محمية الأزرق.

وأعلنت محمية الازرق المائية كأول منطقة رطبة ذات أهمية عالمية على الطريق الأفريقي- الأوراسي في الأردن (منطقة رامسار) وذلك في عام 1977 وكسبت هذه الأهمية بسبب ندرة نظامها المائي ولوقوعها بين الصحراء الكلسية من الغرب والصحراء البازلتية من الشرق مما جعلها غنية بالتنوع الحيوي وتوافر فيها نحو 141 نوعا من النباتات المائية كالحلفا و القصيب الفارسي التي تنمو في المستنقعات و نباتات السمار وغيرها، و ما يزيد عن 81 نوعاً من الطحالب و ما يزيد عن 163 نوعاً من اللافقاريات و ما يقارب 18 نوعاً من الثديات كما أنها تضم ما يزيد عن 11نوعآ من الزواحف و نوعين من البرمائيات وما يقارب 15 نوعا من الرعاشات والفراشات كما سجلت المحمية 274 نوعا من مختلف أنواع الطيور.

وذلك، فان المحمية محط زيارات أسراب الطيور على مدار العام إما للراحة في فترة الهجرة أو لقضاء فصل الشتاء.

كانت الزرقاء أواسط القرن العشرين مقصدا للعائلات بهدف السباحة والتنزه، كما كانت محضنا لاحتواء الجنسيات الوافدة اليها مما أغناها بالتنوع العرقي، بجانب الحركة الدؤوبة والنشاط الظاهر فيها بسبب احتواءها على معسكرات الجنود، وقطار سكة حديد الحجاز الذي يمرّ فيها باتجاه الجنوب، والمصانع ودور السينما فيها، وكل هذه العناصر كانت شاهدة على مراحل تطور الاردن وتمدنه.

والزرقاء بين الماضي والحاضر شهدت تحولات عميقة بحكم مجريات الزمن، فمدينة الزرقاء تاريخيًا يعود اسمها إلى كلمة أكادية من مقطعين أولهما «زار» وتعني مياه و «كي» وتعني منطقة.

ووصف ياقوت الحموي نهر الزرقاء في موسوعته الشهيرة معجم البلدان، بأنه موضع بالشام بناحية معان، وهو نهر عظيم في شعاري ودحال كثيرة، وهي أرض شبيب التّبعي الحميري، وفيه سباع كثيرة مذكورة بالضراوة، وهو نهر يصبّ في الغور.

وبوجب هذا الوصف التاريخي، فان المنطقة كانت مائية خصبة تلفّها الغابات، وتحيطها السّباع، وتختلف عمّا صارت اليه حالها اليوم، فمع مرور الزمن تحول النهر إلى واد جاف.

تزخر الزرقاء بالعديد من الأماكن السياحية والأثرية والطبيعية، منها قلعة الأزرق،

وقصر عين السل وغيرها.

والزرقاء تمثل قلعة الصناعة الوطنية، حيث تتركز قيمتها في المجالات الصناعية والاستثمارية، حيث تضم أكثر من نصف حجم الصناعة الوطنية، وتقع بالقرب من مراكز تصنيع الطاقة المتمثلة بمصفاة البترول الأردنية ومحطة الحسين الحرارية.

وبتقديري أن جلالة الملك عبد الله الثاني وهو يستعيد ذكرياته بها مؤخرا، أشاد بشهامة أهلها وكرمهم، وأعلان سعيه إلى زيادة الاستثمار بها وتوسيع فرص العمل لأبنائها، تطبيقا لرؤيته للتطوير والتحديث وخططه التنموية التي يعمل جلالته جاهدا على تحقيقها في مختلف القطاعات الحيوية والاقتصادية والثقافية في مختلف مدن المملكة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى