إدمان الصغار خطر يهدد الامن القومي ..سارة السهيل
تعد مشكلة ادمان الاطفال الصغار كارثة عالمية انتقلت الى مختلف الاقطار العربية متأثرة بالقرية الكونية التي نعيش في ظلالها، فبعدما كان الخطر محدق بطلاب المدراس المراهقين بات الان الخطر ينال من الاطفال الصغار وخاصة اطفال الشوارع والاطفال العاملين في مهن مختلفة بحكم ظروفهم الاقتصادية القاسية.
واذا كانت الظروف الاقتصادية قد دفعت اطفال الشوارع والاطفال العاملين للوقوع في محرقة ادمان المخدرات، فان المدراس الابتدائية الحكومية والخاصة والدولية في شتى الاقطار العربية والشرق الاوسط قد وقعت هي الاخرى في هذا المستنقع بنسب مختلفة مما يهدد مستقبل الامن القومي في المنطقة كلها.
وترصد الدراسات الاجتماعية المتخصصة حجم هذه الكارثة، باعلانها إن عدد الأطفال الذين يتعاطون المخدرات بأنواعها وصورها في العالم العربي تتراوح بين 7 – 10 ملايين طفل، وهذه الارقام تكشف عن حجم المأساة التي يعيشها اطفالنا الصغار، فضلا عن حجم الخسائرالاقتصادية التي تنال من الاقتصاديات العربية من جراء تكاليف العلاج واعادة التأهيل للمدمنين الصغار.
فن صناعة المدمن
يقع اطفالنا الصغار ضحية لفنون الاغواء والدعاية لانواع كثيرة من الحلويات والملصقات التي تحتوي صور شخصيات محببة للأطفال، كثيراً منها يشتمل على مواد مخدِّرة يتعود عليها الأطفال مع الوقت دون سن السادسة وتتسلل الي اجسامهم الضعيفة، وهو ما اكتشفه الاطباء في بعض هذه الملصقات التي يلصقها الطفل بصورها الجذابة على جسده ما هي الا نافذة لتعود جسمه على ادمان المخدرات، وهو يضمن لمروجي المخدرات صناعة طفل مدمن في الكبر.
الفضول والاستكشاف
قد يقبل الاطفال في سنين عمرهم الاولى على تعاطي المخدرات من باب الفضول والاستكشاف وخوض التجربة، ومن أهم أنواع هذه المخدِّرات التي يقبل الأطفال والمراهقون عليها بدافع حب التجربة، المخدِّرات المهدئة، منها: (الباربيتيورات والبنزوديازيبين)، والمنشطة مثل: (الأمفيتامين والكوكايين والميثيل فينيديت)، والمواد المهلوسة مثل: “ال. اس. د”، والمواد العطرية المستنشقة والمسكنات والمهدئات الطبية، مثل: المورفين، وكل ذلك يسبب آثارا ومضاعفات، منها مشكلات صحية؛ حيث يؤدي إدمان المخدِّرات إلى حدوث مشاكل صحية بدنية وعقلية، ويعتمد ذلك على نوع المخدِّرات المستخدمة، ويؤدي ادمان المخدرات ايضاً الى فقدان الوعي، والغيبوبة، والإصابة بالأمراض المعدية، واحياناً الى الموت المفاجئ، وخاصة عند أخذ جرعات عالية، أو إذا تم الجمع بين أنواع المخدِّرات أو الكحول.
حقائق مؤلمة
في احدى الدراسات والابحاث الحديثة المنشورة في 18 مارس 2014 باليمن، أظهرت أن نسب تعاطي وإدمان المخدرات بين الأطفال في المجتمعات العربية تزيد (10) اضعاف ما يظنه الآباء في تقديراتهم، بجانب أن معظم التلاميذ يعتقدون ان آبائهم ليسوا على دراية بمدى خطورة تعاطيهم المخدرات ومن ثم يقودهم هذا إلى التمادي في التعاطي غير مهتمين بما ينالونه من عقاب.
كذلك الامر بالنسبة لمديري المدارس والمدرسين ليسوا على دراية كافية بالطلاب الذين يتعاطون المخدرات، بينما الحقائق والدراسات تقول انه من الممكن أن يكون في المدرسة أفضل التلاميذ ومنحدر من عائلة عريقة في مجتمع اليمن يعاني من مشكلة التعاطي وإدمان المخدرات.
وكشفت الدراسات أن تعاطي المخدرات ليس مقتصرا على فئة أو مجموعة معينة من فئات المجتمع اليمني أو مرتبطاً بمستوى اقتصادي معين بل إنها مشكلة تؤثر وبشكل فعال في مجتمعاتنا ككل. كما أنه ليس مقتصرا فقط على المدارس الثانوية في بلادنا فحسب بل في المدارس الإعدادية والابتدائية على حد سواء.
وبالرغم من اقتصار الاتجار في تلك السموم على البالغين إلا أن الوسيط الذي يقوم بجلب المخدرات داخل المدارس هو أحد التلاميذ من طلبة المدرسة.
ودعت الدراسات للاباء وأعضاء هيئة التدريس في المدراس الى ضرورة اكتساب الخبرات للتعرف على أبعاد المشكلة وطرق مواجهتها عبر الادوار الفاعلة للاباء في تعليم معايير الصواب والخطأ للأبناء، وبأن يكونوا قدوة لابنائهم. ومساعدتهم في التصدي لاصدقاء السوء بفصلهم عنهم، وتعريف الابناء بمخاطر تعاطي المخدرات.
ويبرز دور المدارس في تحديد درجة ومدى خطورة تعاطي المخدرات، مع إيجاد وسائل للمراقبة واستخدامها بشكل منتظم. وتنفيذ منهاج شامل ومتكامل للوقاية من إدمان المخدرات من بداية مرحلة رياض الأطفال حتى نهاية الدراسة الثانوية هدفه التعريف بخطورة ادمان وتعاطي المخدرات بإعتبارها سموم قاتلة، مع العمل على دعم ومساندة برامج الوقاية من ادمان المخدرات. من خلال وضع برامج عمل تتعاون فيه المدرسة مع الجمعيات الأهلية التطوعية ومجالس الآباء، ورجال القانون، والمنظمات العلاجية لتقديم المصادر اللازمة للقضاء على تلك الظاهرة.
ويأتي دور المجتمع في التصدي لهذه الظاهرة عبر مساعدة المدارس في محاربة المخدرات من خلال إمدادها بالخبرات والتمويل من قبل المجموعات والمؤسسات في المجتمع، ومشاركة جميع أجهزة القانون المحلية في المقاومة ومنع التعاطي
المآساة في العراق
ارتبطت ازمة تعاطي الاطفال للمخدرات في العراق منذ الاحتلال الامريكي للبلاد وحتي هذه الساعة التي تغرق فيه البلاد في الفتنة الطائفية، أدت الى إزدياد عدد أطفال الشوارع، إرتباطاً بتردي الاوضاع الاقتصادية للأسر، وما رافق ذلك من تفكك أسري، وتعدد حالات الطلاق والانفصال بين الزوجين، الى جانب الأعمال الإرهابية والعنف الطائفي والتهجير القسري.
حيث يمكن لأي شخص أن يحصل على المخدرات بسهولة، فهي تباع عند مداخل المدارس في مناطق عديدة من العاصمة، بل أن البعض من الأطفال يُستخدمون لتهريب المخدرات إلى داخل المدرسة.
وكشفت الدراسات المتخصصة أن اغلب المهن التي يعمل بها الأطفال هي أعمال ومهن غير مهارية، لا تعدّهم للحياة، ولا لسوق العمل، وتتمثل في بيع الأكياس البلاستيكية (40%)، ودفع عربات الأحمال (40%)، وصباغة الأحذية (10%)، والحمالة ( 10%). وتوجد مهن أخرى، كبيع الخمور، والأدوية المهلوسة والعقاقير النفسية. كما بينت ان ما معدله ( 3%) منهم يتعاطون مواد مخدرة ( كالسيكوتين، والثنر) ويتناولون حبوب الفاليوم لانهم يعانون صعوبات في النوم.
والطامة الكبري هي ان الاطفال يشاركون عصابات المخدرات في بيعها مما ساهم في توسيع تجارة المخدرات، حيث هناك سوق ضخم لتجارة المخدرات في العراق، ويشكل الأطفال في هذا السوق أعمدة رئيسة داخل عصابات تجارة المخدرات، وذلك بحسب ما ذكره يحيى خليل – أحد العاملين في منظمات NGO المحلية ببغداد.
وأضاف بأن ” العصابات عادة تستهدف الأطفال ممن فقدوا عزيزاً عليهم أو ممن يعملون في الشوارع بحكم ظروفهم الاقتصادية القاسية، كما يوفرون تجار المخدرات العمل والمساعدة، والقدرة على جذب الأطفال إليهم بسهولة، خاصة من يتعاطى منهم المخدرات”. فمن المألوف مشاهدة أطفال يبيعون المخدرات في بعض ضواحي العاصمة، والضواحي الفقيرة حيث يستطيع الأطفال الحركة بسهولة أكثر لتوصيل المخدرات دون إثارة الشكوك، كما يستطيعون إيجاد منافذ لتصريف المخدرات بسهولة أكثر قرب المدارس وداخلها.
من نماذج هؤلاء الاطفال، رعد عبد الله (13 عام)، يعمل لحساب عصابات المخدرات. يطوف يومياً في شوارع بغداد بحثاً عن عملاء جدد لشراء المخدرات “عملائي الرئيسيون هم من الشباب- الأحداث، بل أن النساء كذلك يشترين كمية جيدة، وحتى يدفعن ثمناً أفضل… إنهم (العصابة) يدفعون لي 5% من قيمة مبيعاتي، علاوة على تزويدهم لي مرة واحدة في الأسبوع بكمية من الماراجونا لاستعمالي الخاص… أرى من واجبي تقسيم كمية المخدر بيني وبين أخي الذي أوجد لي هذا العمل.
أستاذ علم الاجتماع لقمان سويلى في جامعة السليمانيّة والمتخصّص في المواد المخدّرة، يقول:” يرجع انتشار المخدرات لأسباب عديدة منها الأعمال الفنية سواء افلام او مسلسلات، وتشجيع الشباب لبعضهم فى اماكن تجمعهم مثل المقاهى والديسكو وهو مانسميه اصدقاء السوء”، كما يؤكد الدكتور لقمان انه فى الماضى كان يتم ضبط التاجر ومعه كميات محدودة من المواد المخدرة الأن يتم ضبط اطنان من المواد المخدرة. فالتاجر يبدأ مع المتعاطى للمواد المخدرة بقطعة بسيطة كهدية للتجربة للمرة الاولى وبعد ان يتعود عليها يبدأ ببيعها له بمبالغ باهظة.
ومن جهة اخرى يؤكد رجال الأمن فى مديرية السليمانية ان تعاطى المخدرات لم يتحول إلى ظاهرة في كردستان، وخصوصاً مع الجهود الكبيرة لرجال الأمن فى المكافحة مما يحد الى حد كبير من دخول المخدرات للبلاد. وبحسب إحصائيّة في السليمانيّة في عام 2013، تمّ اعتقال 195 تاجراً ومدمناً. كما أنه صدرت بحق أربعين منهم أحكام قضائيّة، بينما تم الإفراج عن 40 آخرين لعدم كفاية الأدلة وما زال البقية قيد التحقيق، كما تم ضبط أنواع مختلفة من المواد المخدّرة غير معلومة المصدر، ورغم ذلك تدخل المخدرات لإقليم كردستان من محافظات الوسط والجنوب ومن الخارج أيضاً خاصة بعد الأحداث الأمنية الأخيرة و تسللها للإقليم.
فى حين يؤكد الباحث الاجتماعي إسماعيل أحمد ان المسئول عن اقبال الشباب على المخدرات هى المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني بسبب غياب حملات التثقيف والتوعية حول خطورة الإدمان واضراره وكيفية مواجهته وطرق العلاج. وفى نفس الوقت لابد من التعامل بإنسانية مع المدمنين كونهم مرضى فى حاجة ماسه للعلاج وليس للعقاب. وفى ظل عدم وجود مراكز لعلاج الإدمان مع تنامي الإدمان بين الشباب، يعرض المدمن للموت وخاصة مع توقفه المفاجىء عن تعاطى المخدرات وبدون علاج، وهنا يكون دور المؤسسات الحكومية والخاصة فى توفير مراكز لعلاج الإدمان لتشجيع المدمنين على الإقلاع عن تعاطى المخدرات،خاصة في البدايات الأولى.
وفى نفس الوقت للحكومة دور فى التعامل مع الظاهرة بجدية والحدّ منها بالتوعية عبر وسائل الإعلام المختلفة، وتوفير مراكز العلاج المتخصصة تكون تحت رقابة الدولة، وقد يكون عدم توافر مراكز العلاج يرجع لعدم اقتناع المسئولين بزيادة اعداد المدمنين بين الشباب حتى وصل الأمر ببعض الشباب ان يلجأ لتناول الادوية المهدئة كبديل للمواد المخدرة وخاصة مع تواجدها فى الصيدليات وبدون رقابة او ضوابط لصرفها.
الكارثة في مصر
وفقا لما تناولته د. إيناس الجعفراوى، مقرر المجلس القومى لمكافحة وعلاج الإدمان عن دراسة صادرة في يوليو 2015 الماضي، فان ما يقرب 2% من الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 إلى 19 عام فى مصر تعاطوا المخدرات، ولو مرة واحدة فى حياتهم، خاصة مع انخفاض سن التعاطى حتى الطفولة المبكرة.
وفي مصر تقول الدكتورة “منى جبر” مسئولة إدارة الصحة النفسية والإدمان للأطفال والمراهقين، أن النسبة الأكبر في إدمان المراهقين والأطفال، تكون في “الأطفال العاملين” أو “أطفال الشوارع”، أو “الأطفال الذين يتعاطي ذويهم المخدرات”.
واشارت د.منى الى ان نسبه تعاطي المخدرات للبنات لا تختلف عن البنين وخاصه ما بين 10 اعوام إلى 16 عام حيث يكون التعاطي بصورة متساوية بين الجميع سواء “بنات او بنين” او الاطفال الذين يعملون أو طلاب مدارس.
ومن هؤلاء ” روان 13 عاما”، طالبة في إحدى المدارس الخاصة والتي جاءت لاحد المراكز لاستقبال مدمني المخدرات من المراهقين والأطفال، تؤكد على أنها تعاطت المخدرات عن طريق زميلاتها بالمدرسة الذين يتعاطون جميعا “الحشيش والترمادول” وان والديها عندما اكتشفوا تعاطيها نقلوها من المدرسة وأودعوها بمصحة لعلاج الإدمان.
الادمان في الأردن
وفي دراسة لمكتب هيئة الأمم المتحدة الخاصة بالجريمة والمخدرات منشورة عام 2013 حول وضع المدارس الحكومية الأردنية، كشفت عن نمو عدد الطلاب، من الجنسين، الذين يتعاطون الكحول والمخدرات، على رغم أن النسب ما زالت متدنية. وبلغ حجم العيّنة التي شملتها الدراسة 2471 طالباً وطالبة في 26 مدرسة حكومية، تراوحت أعمارهم بين 11 و16 عام.
وجاء تعاطي الحبوب المهدئة في المرتبة الأولى بين طلاب المدارس بنسبة بلغت 4.2 بالمئة من هؤلاء الاطفال، وكان لافتاً أن حجم انتشار هذه الآفة بين الطالبات أعلى من الطلاب الذكور.
واحتل تناول الكحول المرتبة الثانية بنسبة 2.3 بالمئة، وتواجد “اسواق سوداء” رائجة في مدن أردنية عدة، وكذلك في بيئة بعض الجامعات تتوافر فيها كميات الحبوب المخدرة، سواء عبر صيدليات خاصة أو عامة، أم عن طريق “التهريب”.
ورصدت الدراسة “انتشار استنشاق المواد المخدرة والطيارة (المواد التي تتحول إلى غازات) بنسبة 2.2 في المئة من العينة، وتساوت فيها الذكور مع الاناث”.
الخطر في المغرب
يرتفع سقف الخطر في تعاطي طلاب المدراس الصغار أقصاه في المغرب، حيث تؤكد احدى الدراسات ان 25% من الطلاب يتعاطون السجائر والمواد المخدرة وهو رقم مرتفع إذا تم مقارنته بالنسبة الضئيلة لهؤلاء الاطفال قبل عقدين من الزمن فقط، والتي لم تكن تتجاوز 5 أو 6% حسبما ذكرت الدراسة.
كما لفتت أن غالبية المدخنين والمدخنات في المؤسسات التعليمية المغربية تتراوح اعمارهم ما بين 13 و15 عام. إلا أن تدخين السجائر في المدارس المغربية يعتبر هيناً نسبياً إذا تم مقارنته بالظاهرة الجديدة التي تتمثل في ارتفاع نسبة التلاميذ المدمنين على تناول أنواع من المخدرات، بينها مخدرات تصنع على شكل حلوى، وتكسب يوما بعد آخر رواجا متزايدا في أوساط التلاميذ.
وتدق الاحصائيات ناقوس بتحول المدرسة من مكان للتربية والعلم إلى مكان لتدخين السجائر وتعاطي المخدرات بأنواعها وسط أطفال لا تتعدى اعمارهم اثنتي عشرة عاماً، خاصة عندما تتحول الحقائب المدرسية لمستودعات متنقلة ملأى بحلويات المعجون، والكيك المحشش أو الحشيش، وحتى حبوب الهلوسة (القرقوبي). كما لجأ مروجوا هذه السموم إلى أساليب مبتكرة وخطرة لتوسيع قاعدة المستهلكين والزبائن المحتملين، وذلك برمي كميات كبيرة منها، خاصة الحبوب المهلوسة، في محيط المؤسسات التعليمية. وأصبحوا يتبارون في طريقة تحضير هذه السموم واختيار الأسماء لها؛ فهناك شكيليطة والقاتلة وغريبة والمشطة والفانيدة ومهيبيلة ومباركة والسميطة وموموة وغيرها من الأسماء الدخيلة على المجتمع المغربى.
الاستغلال في الخليج
ويظل الأطفال في الخليج هدف رئيسي لمروجي المخدرات حيث يقوموا بإستثمارهم لارتفاع مستوى الدخل مما يجعلهم هدفًا لضمان الاستدامة ورواج تلك التجارة؛ ولكن الطامة الاكبر هي ارتباط هذه المشكلة بثقافات اجتماعية وعادات وتقاليد قد تمنع ذوي الاطفال المدمنين من الذهاب بأولادهم إلى الأطباء والمختصين لعلاج الادمان، وهو الأمرالذي يحتاج إلى تغيير ثقافة المجتمع، واعتبار هؤلاء من المرضى الذين يجب علاجهم، وهم يستحقون الرعاية الطبية والمجتمعية.
علامات الادمان
لكي تفيق الأسر من غفلتها وتنتبه الى ادمان طفلها وكذلك المؤسسة التعليمية، لابد من نشر ثقافة علامات الادمان التي تظهر على الاطفال، وهي كما حددها المتخصصون تتمثل في مظاهر عديدة منها :
التدهور البدني الناجم عن تعاطي المخدرات، وقد يشمل وجود هفوات الذاكرة (النسيان)، ضعف الذاكرة للأحداث القريبة، صعوبة في عملية التذكر. ضعف ووهن في الجسم، التهتهة في الكلام وعدم ترابط الحديث، وتعب وفتور وخمول وعدم الاهتمام بالصحة إلى جانب احمرار العين مع اتساع حدقة العين.
أما التغيرات الطارئة على الأداء داخل الفصل المدرسي، فيمكن ملاحظة:
تدهور ملحوظ في مستوى كفاءة الطالب ليس هذا فقط بل ايضاً بعدم إكمال الواجبات ونقص في التقييم العام وكثرة التغيب من المدرسة أو التأخر عن الحضور .
بينما يطرأ على المدمن الصغير عدة تغيرات سلوكية مثل عدم الأمانة وتشمل “الكذب، السرقة، الخداع” وإحداث مشاكل مع الشرطة وتغير الأصحاب، والمراوغة في الحديث عن الأصدقاء الجدد وحيازة مبالغ طائلة من المال، إلى جانب غضب شديد وغير مبرر وارتفاع درجة العداء، والقلق وكذلك الكتمان وانخفاض معدل النشاط والهمة، القدرة، ضبط النفس، تقدير الذات وتراجع الاهتمام بالأنشطة والهوايات.
ولاشك ان اهمال الاسرة لرعاية اطفالها وعدم يقظتها في مراقبة سلوكهم يشكل عنصرا كبيرا في تنامي عدد المدمنين الاطفال، خاصة لدى الفئات الاجتماعية المرفهة والذين يدرسون في المدراس الدولية، هؤلاء الاطفال تجاب طلباتهم وتتوافر لديهم الاموال الطائلة التي ينتظرها مروجي المخدرات لاصطيادها، ومن ثم فان يقظة الوالدين ومراقبتهم لسلوك ابنائهم يعد عنصر فاعلا في المواجهة ومحاربة الادمان وحتى ولو وقع الصغير في براثن الادمان من السهل انقاذه بسرعة من خلال مراكز علاج الادمان مع ضرورة تواصل الحوار بين الاسرة وابنائها والمشاركة الاجتماعية في مفردات الحياة اليومية حيت يشعر الطفل بقيمته وانه محل اهتمام وتقدير والديه. وكذلك تلعب الاندية الرياضية والمراكز الثقافية دور مهما في تنمية مهارات الاطفال بما يصرفهم عن اللجوء الي المخدرات.
دور المدرسة
للمدرسة تأثيراً كبيراً في تنشئة الطفل فإن دورها يتعاظم في الاهتمام بتنمية ووعي المدربين والمدرسين والمرشدين لأدوارهم بحيث تصبح المدرسة بيئة فاعلة لحماية الطلاب من اكتساب سلوكيات منحرفة كتعاطي المخدرات. ويقع على المدرسين عبء كبير في حماية الاطفال من تعاطي المخدرات، وتوعيتهم بمخاطر الادمان، وهو ما يتطلب تصميم برامج وقائية تنفذها المدرسة لتعلم الطفل كيفية حماية سلوكه من الإغراءات التي قد يواجهها من اقرانه او جيرانه وتعلمه مبادئ التعامل مع الغرباء وتعلمه منهجية السلوكيات السليمة.
ولا يمكن لتجربة المدرسة ان تنجح في العلاج والوقاية بمعزل عن الارتباط الويثق بينها وبين الاباء، حيث يجب التنيسق بين مؤسستين الاسرية والتعليمية في حصار ظاهرة ادمان الاطفال لخلق بيئة مدرسية خالية من الادمان. أما الدول العربية يجب عليها المطالبة بالتنسيق فيما بينها لوضع برامج وقائية واخرى عملية لمكافحة ادمان الاطفال باعتبارها قضية أمن قومي.