أدب الأطفالمقالات

حقوق الطفل .. أقوال دون أفعال ..!(1) – سارة السهيل

حظيت حقوق الطفل باهتمام من المجتمع الدولي بل يمكن القول أنها سبقت اهتمامه بحقوق الإنسان العامة ، ففي أعقاب الحرب العالمية الأولي ،  استشعرالمجتمع الدولي خطورة الفظائع التي جرت خلال الحرب ، وأدرك أن السبيل لتجنب تكرارها هوتنشئة مجتمعات أقل استعدادا للانخراط في أعمال  عنف وصراعات وحروب بمثل هذه الضراوة باهتمام والعناية الأكبر للأطفال. وفي إطار هذا الاهتمام شهد عام 1919 إصدار منظمة العمل الدولية الاتفاقية رقم(5)عن مؤتمرها الأول والتي تحظرعمل الأطفال في الأعمال والمنشآت الصناعية لمن هم دون سن الرابعة عشر، فى نفس العام   قامت عصبة الأمم المتحدة بتشكيل لجنة خاصة برفاهية الطفل التي تبنت النقاط الخمس الواردة  في ميثاق الإتحاد الدولي لإنقاذ الطفولة عام 1923 وأصدرتها في بيان عرف بإعلان جينيف عام 1924 .ويؤكد هذا البيان علي اعتراف كل أمم العالم بأن البشرية تدين للأطفال بأفضل ما لديها وتحدد مسئولية المجتمع لتوفيرالحماية والرعاية اللازمة  .
قد ظهرت بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى أول دعوة الى اعتراف دولي بحقوق الطفل  ووجد من يدافع عنهم وينادي بحقوقهم وهذا ما اعلنته في سنة 1923 “اغلنتاين جب”  مؤسسة ” المنظمة البريطانية لغوث الاطفال” ،و “جب”  هذه ولدت في بريطانيا عام 1876 وفي عام 1919 اسست “المنظمة  البريطانية لغوث الاطفال”   وعندها قالت : أعتقد انه علينا ان نطالب بحقوق خاصة للاطفال وان نسعى جاهدين للحصول على اعتراف دولي بها. وقد غضب البريطانيون عندما كانت “جب” تساعد الاطفال الالمان وهم اعداء ، وعندما سئل الكاتب المسرحي الايرلندي الشهير “برناردشو” الذي كان احد الداعمين لاعمال “جب” ، عن تقديمه مساعدة مالية لاطفال الاعداء، اجاب:” ليس لي اعداء دون الثامنة من العمر!”
تعد اغلنتاين اول من دعا الى اعتراف دولي بحقوق الطفل وهذا ما سعت اليه من خلال تضمينها لاعلان عام 1923 خمسة بنود حظيت بموافقة “الجمعية العامة للاتحاد الدولي لغوث الاطفال” عام 1923م. وهي : ضرورة تامين الوسائل الضرورية كافة للنمو الطبيعي للطفل ماديا وروحيا ، ووجوب اطعام الطفل الجائع والاعتناء بالطفل المريض واعانة الطفل المتخلف والاهتمام بالطفل المعوق وحماية ومساعدة الطفل اليتيم والمتشرد ، البند الثالث وجوب ان يكون الطفل اول من يتلقى المساعدة في الظروف والاوقات العصيبة وهذا مستوحى من التجارب الاليمة ومن المآسي التي خلفتها الحروب والتي اثبتت ان الاطفال هم الضحايا الاشد تعرضا وتضررا في ازمنة الحرب ، أعمال الاغاثة بعد الحرب العالمية الاولى اعطت الاولوية للاطفال وهذا ما يعتبر تقدما نوعيا في مسارحقوق الطفل ، البند الرابع وجوب ان يجعل الطفل في وضع تؤمن فيه معيشته ووجوب حمايته من كل اشكال الاستغلال . والبند الخامس والاخيرهو وجوب تربية الطفل تربية تاخذ بعين الاعتبارتكريس مواهبه في خدمة البشر بني جنسه. كانت “جب” واضعة هذا الاعلان تؤمن بان الحاجة الكبرى في الاوقات العصيبة هي عند الاطفال .
استمرت مسيرة تطورالقانون الدولي لحقوق الإنسان ، وكانت حقوق الطفل بشكل خاص قاسماً مشتركاً فيها، بدءاً بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) وبحلول عام 1959 صدرإعلان حقوق الطفل ويحوي علي عشره مبادئ المبدأ الأول يجب أن يتمتع الطفل بجميع الحقوق المقررة في هذا الإعلان دون أي تفريق أو تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أوالثروة أو النسب أو أي وضع آخر يكون له أو لأسرته. المبدأ الثاني يجب أن يتمتع الطفل بحماية خاصة وأن يمنح بالتشريع وغيره من الوسائل ،الفرص والتسهيلات اللازمة لإتاحة نموه الجسمي والعقلي والخلقي والروحي والاجتماعي نموا طبيعيا سليما في جو من الحرية والكرامة. المبدأ الثالث للطفل منذ مولده حق في أن يكون له اسم وجنسية.المبدأ الرابع يجب أن يتمتع الطفل بفوائد الضمان الاجتماعي وأن يكون مؤهلا للنمو الصحي السليم ويجب أن يحاط هو وأمه بالعناية والحماية الخاصتين اللازمتين قبل الوضع وبعده وللطفل حق في قدركاف من الغذاء والمأوي واللهووالخدمات الطبية. المبدأ الخامس يجب أن يحاط الطفل المعوق جسميا أوعقليا أو اجتماعيا بالمعالجة والتربية والعناية الخاصة التي تقتضيها حالته. المبدأ السادس يحتاج الطفل لكي ينعم بشخصية منسجمة النمو مكتملة التفتح ، إلي الحب والتفهم فلايجوز إلا في ظروف استثنائية ، فصل الطفل الصغيرعن أمه ويجب علي المجتمع والسلطات العامة تقديم عناية خاصة للأطفال المحرومين من الأسرة وأولئك المفتقرين إلي كفاف العيش. المبدأ السابع للطفل حق في تلقي التعليم  الذي يجب أن يكون مجانيا وإلزاميا، في مراحله الابتدائية علي الأقل وأن يستهدف رفع ثقافة الطفل العامة وتمكينه علي أساس تكافؤ الفرص ، من تنمية ملكاته وحصافته وشعوره بالمسؤولية الأدبية والاجتماعية ويجب أن تكون مصلحة الطفل العليا ويجب أن تتاح للطفل فرصة كاملة للعب واللهو، المبدأ الثامن يجب أن يكون الطفل في جميع الظروف بين أوائل المتمتعين بالحماية والإغاثة. المبدأ التاسع يجب أن يتمتع الطفل بالحماية من جمع صورالإهمال والقسوة والاستغلال ويحظرالاتجار به علي أية صورة ولايجوز استخدام الطفل قبل بلوغه السن الأدنى الملائم ويحظر في جميع الأحوال حمله علي العمل أوتركه يعمل في أية مهنة أوصنعة تؤذي صحته أوتعليمه أوتعرقل نموه الجسمي أوالعقلي أوالخلقي. المبدأ العاشر يجب أن يحاط الطفل بالحماية من جميع الممارسات التي قد تدفع إلي التمييزالعنصري أوالديني أوأي شكل آخرمن أشكال التمييز، وأن يربي علي روح التفهم والتسامح والصداقة بين الشعوب ، والسلم والأخوة العالمية.
وللحديث بقية بالمقال القادم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى